القائمة الرئيسية

الصفحات

هموم المذيع... خلف كواليس هموم الناس"

 


لطالما كتبتُ ، وقلتُ ، وصرختُ — لكن دون جدوى ، زميلي المخرج لبرنامج "هموم الناس"، الذي يُبث على قناة عدن الفضائية، ظلّ يتأخر عن موعد التصوير بلا سببٍ واضح ، متجاهلاً كم يُربك هذا التأخير خط سير البرنامج ، ويجعل من تواصلنا مع المشاركين من مختلف المحافظات الجنوبية المحتلة مهمة شبه مستحيلة.

في الأمس الاربعاء الـ ١٤ من مايو ٢٠٢٥م ، لم أعد أحتمل مزيداً من الإنتظار ، أخذت هاتفي بيدٍ فيها من الغضب بقدر ما فيها من الإصرار ، واتصلت برئيس قطاع القناة.

سلمت عليه بتحية لائقة، وهنأته على إدارته الناجحة ، لا سيما قراره الأخير بإلزام جميع المدراء بالحضور المنتظم ، وما تبعه من خصومات عادلة بحق المتغيبين بلا عذر.

ردّ عليّ بثقةٍ وهدوء "هذا هو أساس العدل... لا بد أن نُعدل في صرف الحقوق ، ونُكافئ من يعمل بصدقٍ وإخلاص ، وسأستمر على هذا المنوال ما حييت."

ابتسمتُ ، رغم ضيقي ، وقلت هذا جميل... ونحن نشيد بذلك ، لكن ، نأمل أن يشمل عدلكم مخرج البرنامج الذي يتأخر كل يوم وياخر موعد بث البرنامج قبل التسجيل ، وكأن الوقت لا يعني له شيئًا !

ساد صمتٌ قصير ، قطعه صوته بنبرة دهشة "هو يتأخر؟!"

فقلت له بحزمٍ فيه عتاب "إن كنت لا تدري ، فتلك مصيبة... وإن كنت تدري ، فالمصيبة أعظم ."

ضحك بخفة ، ثم عاد إلى الجدية قائلاً "أعدك ، سأحاسبه، وسألزمه بالانضباط والحضور في الوقت المحدد ، فالالتزام أساس النجاح ، ولن نسمح لأحد أن يعرقل مسيرتنا."

أغلقت الهاتف وأنا أشعر بأن صوتي وصل... وأخيراً ، هناك من سيسمع النداء من وراء الكواليس.

لكن هذا الاتصال لم يكن سوى البداية ، فهناك الكثير من الملفات التي تحتاج إلى إنصاف وأولها ، ملف الأجور ، كيف لمخرج "هموم الناس" أن يتقاضى فقط ثلاثة آلاف ريال، بينما زملاؤه في برامج أخرى يتقاضون خمسة آلاف على الأقل؟ 

وكيف لي، وأنا أُعدّ ، أقدّم ، أنسق ، أتواصل ، واستقبل الرسائل واعيد الصياغة واعدل ، واستقبل فيديوهات ، واعد تقارير ، أن يصرف لي مبلغ زهيد ؟

من حقي أن ترفع أجوري ، لاسيما أن البرنامج بفضل الله تعالى قد حقق نجاحاً بشهادة القاصي والداني ، واستطعتُ — رغم أن البرنامج مسجّل — أن أقنع المشاهدين بالتفاعل معنا وكأننا على الهواء مباشرة.

 وهنا يكمن التحدي الحقيقي ، أن توصل صوت الناس في الزمن الذي لا يرونه ، وأن تبني جسراً حقيقياً بين الشاشة والميدان.

قبل الختام " هموم الناس " ليست وحدها ما نحمله ، فوراء كل حلقة ، هناك مذيع يحمل على كتفيه هموم الكلمة ، ووجع الإعداد ، وثقل التنسيق ، وصراع الوقت ، وكل هذا بأجر لا يوازي حتى ربع الجهد المبذول!

نعم، هموم الناس كثيرة... لكن همومي كمذيع لا تقل ، فهل يُعقل أن أظل أركض بين المكالمات ، وأصنع من المستحيل حلقة متماسكة ، بينما الأجور لا ترتفع ، ولا التقدير يُمنح؟

هذا الاتصال، كان فقط أول الطرق ، لكنه لن يكون الأخير ، لأن الصوت الذي ينقل هموم الناس ، من حقه أن يُسمع حين يتحدث عن همومه هو.

فخفّفوا عنّا بعض هذا الحمل، فنحن لا نطلب المستحيل ، بل قليلاً من العدالة ، وكثيراً من الإنصاف.








تعليقات

التنقل السريع