القائمة الرئيسية

الصفحات

كربلاء وغزة كلاهما نتيجة تفريط الأمة

 


أم المختار مهدي 



لكل حادثة سبب، وغالبًا ما يتحدث الناس عن النتيجة بعيدًا عن الأسباب، وهذا يخلق فجوة في حديثهم الغير كامل، ولكن عندما نتحدث عن كربلاء فيجب أن يكون أول حديثنا هو: ما هو السبب لوقوع هكذا فاجعة؟ ويجب أن نأخذ بعين الإعتبار مكان وزمان وقوعها أيضاً. 


حادثة كربلاء لم تكن وليدة يومها؛ بل هي نتيجة تفريط الأمة من يوم وفاة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بأهل البيت -عليهم السلام- التفريط الذي امتد حتى شُطر رأس الإمام علي، وتمزَّق كبد الإمام الحسن، مرورًا بكربلاء غير منتهيٍ فيها، عندما رفعت الأمة يدًا للخلافة غير يد الإمام علي وتولت غيره كان هذا هو أعظم تفريط في تاريخ الأمة والذي امتدت نتائجه إلى يومنا هذا، ولن تنتهي هنا أيضاً. 



إن فاجعة كربلاء حدثت في أرض إسلامية وبسيوف محسوبة على الإسلام وهذا انحراف كبير حيث أنه لم يمضِ على وفاة رسول الله إلا أقل من ستين عامًا حتى حُرِب سبطه وقُتِّل أهله وسُبيت نساؤه في مظلومية لم يسبق لها مثيلًا بأطهر الناس وأعزهم وأكرمهم وأقربهم لله وللرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- وأعظم الناس إيمانًا وأعلاهم تقوى وأرفعهم مكانة وقدرًا، الذين أوصى الله تعالى ورسوله بمودتهم، ونزلت فيهم الآيات، وقيلت فيهم الأحاديث النبوية. 



انٌَ خروج الإمام الحسين -عليه السلام- كان تكليفًا شرعيًا وواجبًا إيمانيًا وإنسانيًا؛ عندما رأى الأمة يحكمها الظالمون، ويتولى أمورها الفاسقون، وقد قال سبب خروجه بقوله:" والله ما خرجت أشرًا ولا بطرًا إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي" وهذا الخروج كان بداية لثورة صارت هي النور لكل الثائرين في مختلف الأزمنة والأماكن، حيث أنه لا بدَّ من الجهاد ضد الظالمين بدلًا من الصبر على ظلمهم، لا بدَّ من قول الحق بدلًا من السكوت على الباطل، لا بدَّ من التحرك بدلًا من الخضوع للذل. 


كان هذا هو خيار الإمام الحسين -عليه السلام- عندما خُيِّر بين السلة والذلة فقال :"هيهات منا الذلة"، "والله إني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برمًا"، وما زال هذا الخيار والنهج هو خيار ونهج كل الأحرار، والطريق الذي سلكه كل المجاهدون ضد الظالمين في مختلف العصور.



واليوم إذ باعت الأمة دينها لعدوها، وباعت آخرتها بدنياها، وأصبح عدوها هو المتحكم فيها، كان لا بدَّ لهذا الإنحراف والتفريط من نتيجة وخيمة في الوسط الإسلامي، فكانت الحروب المتتالية من سلاح الأعداء وسكوت الأصدقاء هو النتيجة الحتمية في العراق وسوريا مرورًا بلبنان واليمن انتهاء بغزة، غزة التي لا تفرق عن كربلاء في المظلومية والأسباب والنتائج أيضاً، فيها القتل الشنيع والحصار الخانق والجوع الشديد أمام صمتٍ مخزٍ من العرب والمسلمين الذين سلموا رقابهم لعدوهم منهم من يصفق له ومنهم من يتغاضى عنه، ولكن في الساحة أيضاً حسينيون لا يهابون الموت في سبيل الله، ولا يرون الحياة مع الجبن والسكوت إلا ذلًّا، يهتفون في كل ساحة وميدان وأمام أي عدو "هيهات منا الذلة" هو شعار الحسين بالأمس وهو شعارنا اليوم، لن نستسلم، لن نترك فلسطين، لن نترك القدس، لن نترك قائدنا وحيدًا، سنجاهد ونقاوم ونصدع بالحق حتى يظهره الله تعالى، ويكتب لنا النصر، ويحقق على أيدينا الفتح الموعود "وعد الآخرة". 



#اتحاد_كاتبات_اليمن

أنت الان في اول موضوع

تعليقات

التنقل السريع